السبت، 12 سبتمبر 2009

المحكمة الجنائية الدولية (3)

المبدأ الثالث :


شـخصيــة الـمسؤوليـة الــجنائيــة :





من المبادئ الرئيسية في القانون الجنائي مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية ذلك أنه بمجرد توفر ركن الإسناد حيال الجرائم المنسوبة للمتهم تكون المسؤولية الجزائية قائمة تجاهه كفرد وبقدر ما يتعدد الجناة في القضية تكون معايير مساءلتهم الجزائية فردية كل حسب مشاركته المباشرة أو غير المباشرة في إرتكاب الجريمة ( فاعل أصلي ، مشارك ، ساهم في الإعداد والتحضير للجريمة ساعد على وقوعها ، كان له علم مسبق بالجريمة ... ) .

ويتعين الملاحظة في هذا الباب بأن مساءلة الأشخاص جزائيا وبصفة فردية لا يرفع عن الدول كذات معنوية مسؤوليتها بموجب القانون الدولي على أن ذلك يدخل في إختصاص محكمة العدل الدولية .





المبدأ الرابع :





عدم الاعتداد بالصفة الرسمية للمتهمين :





إنطلاقا من مبدأ شخصية المساءلة الجنائية وبناءا على طبيعة الجرائم المختصة بها المحكمة والتي تتصل بالسلطة والنفوذ وملكية القرار وحيازة الترسانة العسكرية وغيرها من وسائل التعذيب

والتدمير فإن النظام الأساسي للمحكمة أقر عدم إعتبار الحصانة المتصلة بالصفة الرسمية للأشخاص موضوع التتبع والمقاضاة بتهم تدخل في إختصاص المحكمة وعدم الاعتداد بالصفة الرسمية للأشخاص وهذا من شأنه أن يكرس مبدأ عدم الإفلات من العقاب تحت أي بند من البنود بما في ذلك الحصانة وينص النظام الأساسي في المادة ( 27 ) على أن الصفة الرسمية للشخص على المستويين الوطني والدولي لا تحول دون ممارسة المحكمة لاختصاصها الجزائي حياله .



وما لم يثبت القادة ( السياسيين والعسكريين ) بالحجة القاطعة عدم علمهم بإرتكاب الجرائم الصادرة عن مرؤسيهم ، وما لم يثبتوا بالحجة القاطعة سابقية إتخاذهم تدابير وإجراءات إدارية وقضائية لمنع إرتكاب تلكم الجرائم فإنهم يدخلون تحت طائلة المساءلة الجزائية أمام المحكمة بصفتهم الشخصية .



وعليه فإن أحكام المادة ( 27 ) من النظام الأساسي للمحكمة وضعت حدا للتحصن المزدوج

( السلطة / الافلات من العقاب ) الذي ظل يتمتع به بعض الحكام في العالم .

هذا وتستوجب ممارسة المحكمة لإختصاصها إقامة آليات وإجراءات يتعين إستخدامها كيفما وردت بأحكام النظام الأساسي وبمدونة القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات .



الباب الثاني :



آليات ممارسة إختصاص المحكمة الجنائية الدولية :





إن دراسة آليات المحكمة الجنائية الدولية تقتضي إستعراض عدة أجهزة تواكب سير التحقيقات والمقاضاة ، ونظرا للبعدين الدولي والجنائي للمحكمة فإن وظائفها وإجراءتها معقدة لا محالة نتيجة تدخل وتداخل عدة أطرف وأجهزة طيلة مراحل التحقيقات والمقاضاة .

وقد حدد نظام المحكمة مجالات تدخل أو تداخل كل طرف أو جهاز خلال مباشرتها لوظيفتهـا القضائية ، ونعني الأجهزة الأتي بيانها :







(الوحدة الأولى ) (الوحدة الثانية )



- المدعي العام القضاة

- المسجل GREFFE ( ضبط المحكمة) - رئاسة المحكمــة

- الدائرة التمهيدية

- الدائرة الإبتدائية

- الإستئناف







(الوحدة الثالثة ) (الوحدة الرابعة )



- الدول الأطراف - المنظمات غير الحكومية

- الدولة غير الطرف - مصادر اخرى موثوق بها

- أجهزة منظمة الأمم المتحدة

- المنظمات الحكومية







(الوحدة الخامسة ) (الوحدةالسادسة)



- المتهمون - الدفاع ( عن المتهمين ) .

- الضحايا - الممثل القانوني ( للضحايا )

- الشهود



(الوحدة السابعة )



المترجمون

الخبــــــراء







نلاحظ إذن أنه ما لايقل عن سبعة وحدات تسجل حضورها في سير التحقيقات والمقاضاة لدى المحكمة الجنائية الدولية ، وتعهد المحكمة بالبت في الدعاوى المرفوعة إليها يجري بمقتضى أحكام النظام الأساسي من جهة وعملا بالقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات من جهة اخرى .



ويتعين الإشارة في هذا الشأن بأن مدونة القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات وهي دليل إجرائي للمحكمة تم إعتماده من طرف جميعة الدول الأطراف في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية

الدولية في دورتها الأولى المنعقدة في نيويورك خلال الفترة من 3 إلى 10 سبتمبر 2002 ويشمل الدليل الإجرائي للمحكمة ما لايقل عن ( 225 ) قاعدة إجراء وإثبات .



هذا وقد ورد الدليل الإجرائي مرفق بمذكرة تفسيرية تنص على ما يلي » تعد القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات وسيلة لتطبيق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وتابعة له في جميع الحالات ويتمثل الهدف منها في تدعيم أحكام النظام وقد أوليت العناية لدى بلورة القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات إلى تفادي إعادة صياغة أحكام النظام الأساسي وعدم القيام قدر المستطاع بتكرارها .. وتضمنت القواعد حسب الإقتضاء إشارات مباشرة إلى النظام الأساسي وذلك من اجل تأكيد العلاقة القائمة بين القواعد الإجرائية والنظام الأساسي على النحو المنصوص عليه في المادة 51 وخاصة الفقرتان 4 و 5 وينبغي في جميع الأحوال قراءة القواعد وقواعد الإثبات بالإقتران مع أحكام النظام ورهنا بها .

ولاتمس القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات للمحكمة الجنائية الدولية بالقواعد الإجرائية المعدة لأي محكمة وطنية ولا بأي نظام قانوني وطني لأغراض الإجراءات الوطنية « .



وعملا إذن بأحكام النظام الأساسي للمحكمة وبمقتضى دليل القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات نستعرض إشكالية الدور المكمل للمحكمة الجنائية الدولية (1 ) ثم آليات تدخل كل من المدعي العام والدائرة التمهيدية في أطوار التحقيق والمقاضاة :( 2 ) . هذا وتسجل الدول الأطراف حضورها في آليات ممارسة الإختصاص : ( 3) . فضلا عما يقره النظام الأساسي للمحكمة ودليل قواعدها الإجرائية من تكريس معايير المحاكمة العادلة : (4 ) .

على انه يإعتبار تاريخية الحدث المتصل بتسلم أول مدعي عام بالمحكمة لمهامه بصفة رسمية بعد إنتخابه من الدول الأطراف وقد تم ذلك بتاريخ 16 جوان 2003 بلا هاي أين ادي المدعي العام التعهد الأتي بيانه " أتعهد رسميا بأن أؤدي مهامي وأمارس سلطاتي بوصفي المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية بشرف وإخلاص ونزاهة وأمانة وبأن أحترم سرية التحقيقات والمحاكمة ( تعهد منصوص عليه بدليل القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات القاعدة عدد 6 ) .



هذا ويحتفظ بالتعهد الموقع والذي يكون شاهدا عليه رئيس المحكمة أو رئيس مكتب جمعية الدول الأطراف في قلم المحكمة وفي سجلاتها .

يتعين أن نقدم نبذة من السيرة الذاتية لأول مدعي عام لدى المحكمة الجنائية الدولية وهو السيد لوي مورينو أوكامبو LUIS MARENO OCAMPO أرجنتيني الجنسية تم إنتخابه في شهر أفريل 2003 من جمعية الدول الأطراف بنظام المحكمة ( اختياره تم بوفاق الدول الأطراف بإعتباره المرشح الوحيد لهذا المنصب ) .

والسيد لوي مورينو أو كامبو أشتهر في مجال مكافحة الجرائم الأكثر خطورة بالأرجنتين ذلك أنه أثار تتبعات ضد تسعة قادة عسكريين بالأرجنيتن في الثمانينات بتهم ممارسة التعذيب والقتل ذهب ضحيتها آلاف المواطنين بالأرجنتين ( في فترة الحرب القذرة ) وقد باشر مهمة النيابة في هذه القضية طيلة ستة أشهر كاملة تلقى خلالها شهادات 835 شخص بشأن تلكم الجرائم الخطيرة معتمدا على إفادات لجان مستقلة ضرورة أن أجهزة الأمن بالأرجنتين كانت آنذاك خاضعة كليا للسلطة العسكرية .

وعليه فإن أول مدعي عام للمحكمة يملك خبرات هامة في مجال التحقيقات الجنائية المتصلة بالجرائم الخطيرة .

يبقى أن ننتظر أداءه بجهاز المحكمة الجنائية الدولية حيث سيواجه مهام جسيمة ومعقدة جدا .





-1- إشكالية الدور المكمل للمحكمة الجنائية الدولية :





أكدت ديباجة النظام الأساسي للمحكمة على " أن هدف المحكمة أن تكون مكملة للنظم القضائية الوطنية في الحالات التي قد لا تكون إجراءات المحاكمة على الصعيد الوطني متاحة أو تكون عديمة الفعالية " .

كما تضمن النظام الأساسي للمحكمة عدد من الفصول التي تكرس هذا الإجراء التكميلي للمحكمة في الحقيقة كان هذا الإشكال موضوع جدل كبير بين واضعي النظام الأساسي خلال المداولات وأعمال اللجان على أن أغلبية الدول تبنت مبدأ الإجراء المكمل للمحكمة بالنسبة للمحاكم الوطنية .

وكان طبيعيا أن تثير هذا المسألة جدلا كبيرا في صفوف واضعي النظام الأساسي للمحكمة ضرورة أن الدول تتمسك في كل الحالات بمبدأ السيادة والذي يشمل إجراءات بسط ولايتها القضائية الوطنية في مقاضاة الجناة وفي الواقع فإن تمسك الدول بمبدأ السيادة يعد دفع سياسي بالأساس على أن مبادئ مدرجة بالقانون الدولي ( الإتفاقيات والمعاهدات ) التي تشدد على إختصاص المحاكم الوطنية بالتعهد بالجرائم التي تشكل خرقا لقوانين النزاعات المسلحة أو الجرائم

ضد الأنسانية أو جرائم الإبادة وغيرها على أن تفوق الموقف المتصل بالصبغة المكملة للمحكمة الجنائية الدولية حيال المحاكم الوطنية من شأنه إثارة التساؤلات الأتية :



- لماذا تعاملت الدول خلال مناقشة مشروع النظام الأساسي للمحكمة بمنطق التصادم بين النظام القضائي الدولي والنظام القضائي الوطني ؟ .



- هل يشفع للدولة تمسكها بمبدأ السيادة لتبرر أفضلية القضاء الوطني على القضاء الدولي إلى حد التفاعل مع هذا الأخير على خلفية قضاء أجنبي وليس قضاء دولي .



على كل لقد فرضت الدول الواضعة للنظام الأساسي موقفها المتصل بالدور المكمل للمحكمة الجنائية الدولية بالنسبة للقضاء الوطني إلا أنه بالرجوع إلى مبدأ السيادة ذاته العزيز جدا على الدول نلاحظ بأن الانضمام إلى أي معاهدة دولية أو جهاز أو إقتصادي أو حتى قضائي يشكل في حد ذاته ممارسة سيادية بالأساس ضرورة أنه تلقائيا وليس قصريا ! .



إن إستخدام آليات التوقيع والمصادقة يترجم السيادة بعينها على أن تلكم الأليات تفرز بالضرورة إلتزامات دولية تقتضيها أحكام القانون الدولي ولئن أدرج القانون الدولي آلية التحفظات في الإتفاقيان الدولية لتيسير إنضمام أكثر عدد ممكن من الدول لتلكم الإتفاقيات والمعاهدات والأجهزة الدولية ، إلا أن التحفظ لا يمكن أن يترتب عنه إفراغ الإتفاقية الدولية من مض مضمونها الجوهري وأهدافها الأساسية حتى لا تعدم وهي في طور الولادة بدعوى التمسك بمبدأ السيادة وما يترتب عنه من أحقية إستخدام آلية التحفظات لا جدال في إستمرار التصادم بين مبدأي السيادة والإلتزام في العلاقات الدولية والذي ألقى بضلاله وضع الصيغة النهائية للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .

على أنه بالرجوع إلى قانون المحكمة نلاحظ بأنه خلص إلى فرض شروط إجرائية بشأن قبول مبدأ إختضاص المحاكم الوطنية بدرجة أولى بالمقاضاة في الجرائم التي تدخل في إختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفي حالة إنعدام هذه الشروط أو الإخلال بها تحت أي ظرف من الظروف فإنه على المحكمة الجنائية الدولية بسط ولايتها القضائية في هذا الباب .

وهذه الشروط تتمثل في الإجراءات التالية :



-1 - إجراء التحقيق أو المقاضاة بشأن ذات الدعوى من طرف دولة لها الولاية القضائية على

تلك الدعوى .

-2 - سابقية إجراء التحقيق في الدعوى من طرف دولة لها ولاية عليها وقرر جهازها القضائي محاكمة المتهمين أو براءتهم ( تكريس المبدأ القانوني المتصل بعدم محاكمة شخص مرتين بشأن ذات الجريمة ) .

-3 - إذا لم تكن الدعوى على درجة من الخطورة بها يجعلها تدخل تحت طائلة الجرائم التي تختص بها المحكمة الجنائية الدولية .



على أن هذه الشروط التي تمنح للقضاء الوطني الولاية القضائية الأصلية لا تمنع المحكمة الجنائية الدولية من ممارسة دور المراقب لسلامة الإجراءات القضائية الوطنية بما يكفل ملاحقة الجناة وإقامة العدالة وعليه فإذا ثبت بأن التحقيقات أجريت على المستوى الوطني بعرض حماية المتهمين من المساءلة الجزائية بشأن جرائم تدخل في إختصاص المحكمة الجنائية الدولية أو حدث يدل على عدم الرغبة في محاكمة المتهم ويهدف بالتالي إلى تيسير إفلاته من العقاب فإن المحكمة لجنائية الدولية تستخدم إختصاصها في التعهد بالدعوى .

ليبقى أن نلاحظ بأن عدم الرغبة مطلقا في ملاحقة مرتكبي الجرائم الخطيرة أو إنهيار النظام القضائي الوطني للدولة ، يفضي إلى بسط الولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية .



-2- الدور الرئيسي للمدعي العام والدائرة التمهيدية :





تحدد أحكام النظام الأساسي الأطراف المخولة بممارسة الاختصاص أو بالأحرى بإثارة الدعوى لدى المحكمة وهي كالأتي :





-1 إحالة من دولة طرف حالة إلى المدعي العام تبدو فيها إرتكاب جريمة أو جرائم تدخل في إختصاص المحكمة المادة ( 14 ) .



2 -إحالة من طرف مجلس الأمن الدولي مستخدما أحكام الفصل السابع من

ميثاق منظمة الأمم المتحدة وتكون الإحالة كذلك إلى المدعي العام .



3 -مباشرة المدعي العام التحقيق من تلقاء نفسه على أساس معلومات واردة

بشأن حصول جرائم تدخل في إختصاص المحكمة وشروع المدعي العــام في

إجراء التحقيق يكون رهين إذن صادر عن الدائرة التمهيدية للمحكمـة يجيز

إجراء التحقيق ( المادة الخامسة عشر 15 )



إن التقييد الوارد بأحكام المادة ( 11 ) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بشأن الاختصاص الزمني يثير لا محالة إشكالا إجرائيا يخول لمرتكبي الجرائم الأشد خطورة والواقعة قبل دخول نظام المحكمة حيز النفاذ يخول لهم الإفلات من العقاب مالم يبدي مجلس الأمن الدولي رغبة في إثارة ملاحقتهم بآلية المحاكم الدولية الخاصة على أن الحل القانوني لهذا الأشكال الإجرائي قد يكمن في تقديرنا في الإحتكام لمعايير الجريمة المستمرة التي يمكن للمحكمة إستخدامها لبسط ولايتها القضائية على جرائم لا تزال ترتكب كالجرائم الصادرة عن الإحتلال الإسرائيلي بفلسطين وبلبنان والجرائم الصادرة عن المحتل الأمريكي بالعراق.

وبالرجوع إلى الأطراف المخولة بإستخدام الأليات طبق ما ورد بالنظام الأساسي للمحكمة نلاحظ دورا هاما للمدعي العام ولهئية الدائرة التمهيدية وكذلك الدول الأطراف .

فالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يعد الجهة الرئيسية في تفعيل إثارة الدعوى بناءا على إحدى وسائل الإحالة المشار إليها أعلاه .

فحال إشعاره بحصول جرائم مما يدخل في إختصاص المحكمة يباشر المدعي العام فتح التحقيقات بشأن تلكم الجرائم والمصادر التي يعتمدها المدعي العام تكون :





-1- الدول –2- أجهزة الأمم المتحدة –3- المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية أو

أي مصـادر مـوثـوق بهـا



نلاحظ إذن بأن إثارة الدعوى من لدن المدعي العام تكون  بطلب ( فهو مفوض ).

 أصالة (من تلقاء نفسه ) .





هذا ويجوز للمدعي العام تلقي الشهادات التحريرية أو الشفوية بمقر المحكمة ، في نطاق مباشرته لأعمال التحقيق على أن مباشرة التحقيق الفعلي بشأن الجرائم موضوع الدعوى يقتضي تدخل جهاز الدائرة التمهيدية للمحكمة وذلك حيال قبول إجراء التحقيق أو رفضه ، ونلاحظ في هذا الباب أهمية الصلاحيات المخولة للدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية ضرورة أنها تشكل هيئة تحقيق تواكب بإستمرار إجراءات المدعي العام ، وقد قضت المادة ( 57 ) من النظام الأساسي للمحكمة بأن تتخذ الدائرة التمهيدية الأوامر والقرارات المتصلة بالقضية حال مباشرة المدعي العام لمهام الملاحقة القضائية ذلك أن الدائرة التمهيدية تصدر في أي وقت بعد الشروع في التحقيق وبناءا على طلب المدعي العام أمرا بالقبض على المتهم إذا إقتنعت بعد فحص الطلب والأدلة وسائر المعلومات الأخرى المقدمة من المدعي العام بوجود :



- أسباب كافية من شأنها تجريم الشخص المعتقل بجريمة تدخل في إختصاص المحكمة .

- أن القبض على الشخص يبدو ضروريا .

- لضمان حضوره أمام المحكمة .

- لضمان عدم قيامه بعرقلة التحقيق أو إجراءات المحاكمة .



هذا ويتعين في هذا الباب على المدعي العام مد الدائرة التمهيدية ببيانات دقيقة متصلة بإسم الشخص المتهم وأي معلومات اخرى خاصة بهويته مع إشارة إلى الجرائم التي تدخل في إختصاص

المحكمة كالإدلاء بمذكرة بشأن الوقائع المتصلة بارتكابه لتلك الجرائم وتكون هذه الأخيرة موثقة بالأدلة وأي معلومات اخرى تثبت إرتكاب تلك الجرائم .

على أن تعهد المدعي العام والدائرة التمهيدية بالتحقيقات قد يتم إرجاءه بناءا على مذكــرة من مجلس الأمن الدولي توجه للمحكمة بهذا المعنى ويكون ذلك بموجب قرار صادر عن المجلس وفق الفصل السابع من منظمة الأمم المتحدة ويكون ذلك واردا في حالة تعهد المحكمة بالدعوى بموجب إحالة من مجلس الأمن .









آليات مقيدة بإذن أو إرجاء  بقبول الدائرة التمهيدية .

 بإمكانية طلب إرجاء صادر عن مجلس الأمن الدولي .





وللدائرة التمهيدية أن ترفض للمدعي العام طلب إجراء تحقيق بشأن وقائع وإنتهاكات يرى هذا الأخير أنها قد تدخل في إختصاص المحكمة على أن رفض الدائرة التمهيدية الإذن للمدعي العام بإثارة التحقيق لا يحول دون تقديم المدعي العام لطلب ثاني في ظل توافر معلومات وأدلة جديدة بشأن نفس الحالة وفي القابل يتعين الإشارة بأن البدء في إجراء التحقيقات من طرف المدعي العام لا يحسم المسألة الإجرائية نهائيا ذلك أنه للمحكمة خلال تعهدها بالملف أن تبت في مسألة الاختصاص ومقبولية الدعوى الفقرة الرابعة من المادة ( 15) من النظام الأساسي.

هذا وتقتضي القاعدة عدد ( 45 ) من دليل الإجراءات الخاص بالمحكمة أن تكون إحالة المدعي العام للملف كتابية كما تنص القاعدة عدد (10) على مسؤولية المدعي العام حيال الاحتفاظ بالمعلومات والأدلة والحفاظ على سريتها وكذلك سرية الشهـادات التي يتلقاها :

القاعدة عدد( 46 ) .





وعليه يترتب عن ذلك المبدأ الأتي : للمحكمة الكلمة الفصل في مسألة

الاختصاص ومقبولية الدعوى

( من تلقاء نفسها أو بطلب )

-3- آليات المقاضاة المخولة للدول الأطراف :





وتقتضي أحكام المادة ( 17 ) من النظام الأساسي بأن تقرر المحكمة عدم مقبولية الدعوى في الحالات التالية :





1- إجراء تحقيق أو مقاضاة بشأن ذات الدعوى من طرف دولة لها ولاية عليها ( مالم تكن الدولة حقا غير راغبة في الاضطلاع بذلك أو غير قادرة على ذلك ) .



2 - إذا تم إجراء تحقيق في الغرض وقررت الدولة عدم المقاضاة ( ما لم يكن القرار ناتجا عن عدم رغبة أو قدرة حقا في المقاضاة ) .



فبناءا على كون المقاضاة من طرف الجهاز القضائي الدولي تعد مكملة للإجراءات الوطنية فإن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أقر صلاحية تعهد الدولة بالملاحقة والمقاضاة في نطاق ولايتها القضائية ضد الأشخاص الضالعين في إرتكاب جرائم تدخل في إختصاص المحكمة الجنائية الدولية .

ذلك أنه على المدعي العام واجب إشعار الدول بإعتزامه فتح تحقيق طالما أن الدول الأطراف تشكل وحدة رئيسية في جهاز المحكمة طبق نظامها الأساسي فإن تدخلها في آليات الملاحقة وارد ضرورة أن المدعي الـعام للمحكمـة وفي نـطاق تـعهده بالتـحقيق يهدف من خلال إشعاره

للدول إلـــى :



• حمايـة الأشخــاص

• حماية الأدلة من التـلف

• لعدم فرار المتهم أو المتهمين



وحال إشعارها من طرف المدعي العام بفتح تحقيق يمكن للدولة التي يكون المشتبه فيهم من رعاياها أن تعلن فتح تحقيق ضدهم مع إعلام المدعي العام بذلك ويمنحها هذا الأخير حق البت بشرط موافقة الدائرة التمهيدية .

ويحق للدولة المعنية أن تتمسك بهذا الأجراء استنادا إلى مقتضيات النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي تقر بالطبيعة المكملة للجهاز القضائي الدولي ضرورة أن المبدأ هو تعهد القضاء الوطني للدولة بملاحقة الضالعين في الجرائم الخطيرة من بين مواطنيها .

إن هذا الأجراء المخول للدولة الطرف قد يثير جدلا بشأن مخاطر تهميش وظيفة المحكمة الدولـية الجنائية إختصاصا وآليات نتيجة تعهد الدولة بالملاحقة ولكن النظام الأساسي للمحكمة إستوعب هذه المخاطر فأقر أحكاما تخول للمدعي العام ممارسة حق المراقبة حيال هذه الدولة بشأن جديـة التتبعات المثارة من طرف أجهزتها الوطنية ، وذلك بمطالبتها بتقديم إفادات منتظمة بشأن التحقيقات الجارية .

كما أن تعليق التحقيق من طرف المدعي العام لا يمنعه من الاستئذان من المحكمة قصد :





1 -إتخاذ إجراءات للمحافظة على أدلة هامة قد يستهدفها الإتلاف أو يفترض ألا تتوفر .

2 -تسجيل تصريحات أو شهادة من شاهد أو إتمام عملية جمع وفحص الأدلة التي كان قد باشرها قبل إثارة الطعن بعدم الاختصاص من أحد الأطراف .



3 - ضمان عدم فرار الأشخاص موضوع طلب بإلقاء القبض عليم من طرف المدعي العام عملا بأحكام المادة ( 58 ) من النظام الأساسي ( أمر الإيقاف يكون صادر عن الدائرة التمهيدية ) .



وعليه ولئن خول النظام الأساسي للمحكمة لجنائية الدولية للدول حق التعهد أصالة بالتحقيقات والملاحقة القضائية بواسطة أجهزتها الوطنية إلا أنها تخضع لواجبات حيال الجهاز القضائي الدولي حيث يتعين عليها حماية الضحايا والمحافظة على المعلومات والاستخبارات التي تكون بحوزتها والاستجابة لطلبات إيقاف المتهمين وتسليمهم للمحكمة الدولية في صورة التعهد الرسمي للقضاء الدولي المادة ( 91 ) .

وفي حالة تلدد الدولة في التعاون مع المحكمة وتقاعسها عن تقديم الخدمة المطلوبة يتم إشعار الدول الأطراف في نظام المحكمة أو مجلس الأمن الدولي المادة ( 87 ) .

وفي الحقيقة فإن الإشكالية الأكبر تكمن في فرضية تمسك الدولة بمبدأ حماية أمنها الوطني ضرورة أن واجب المد بالمعلومات قد يترتب عنه كشف أسرار تمس من مصالحها الوطنية إلا أن واضعو النظام الأساسي أقرو بمقتضى المادة ( 72 ) بأن يتم السعي إلى حل هذه الإشكالية بمبدأ التعاون بين مختلف الأجهزة : المدعي العام ومحامو الدفاع والدائرة التمهيدية أو المحكمة من جهة والدولة المعنية من جهة اخرى ، ويتم ذلك بتعديل الطلب الصادر عن المحكمة للدولة أو توضيح ذلك

الطلب ، كما يتم بواسطة قرار صادر عن المحكمة بشأن مدى صلة تلك المعلومات أو الأدلة بمجريات القضية وما إذا كان يمكن فعلا الحصول عليها من مصادر اخرى بالإضافة إلى إمكانية

تقديم المعلومات المتصلة بالأمن الوطني للدولة في صيغة موجزة عند الاقتضاء في جلسات مغلقة .

على أن الإشكالية تتعمق أكثر في صورة تمسك الدولة المعنية بمبدأ سرية المعلومات لاتصال هذه المعلومات بعلاقة مع دولة اخرى غير طرف بنظام المحكمة ، في هذه الحالة يجوز للدولة المعنية حجب الوثيقة أو المعلومات لوجود التزام سابق من جانبها إزاء الدولة الأخرى بالحفـاظ عـلى

السرية ، وفي كل الحالات فإن الممارسة الفعلية لأليات المحكمة حال تعهدها بالدعاوى التي تدخل في اختصاصها ستفضي إلى حسم قضاة المحكمة بدرجاتها المختلفة في هذه الأشكالات الإجرائية المعقدة .

ولعل هيئات الدفاع عن الضحايا ستلعب دورا هاما في هذا الباب من أجل تكريس مبادئ العدالة والأنصاف في مواجهة كل المناورات المفترضة والتي من شأنها إعاقة تحقيق تلكم المبادئ على أن مبدأ إجراء محاكمة عادلة للمتهمين يعد هو الأخر مبدأ أساسيا يتعين إحترامه دون أي قيد أو شرط ، وفي هذا الباب أقر النظام الأساسي للمحكمة حماية الحق في الدفاع .





-4–حماية معايير المحاكمة العادلة :





تنص اللوائح التي تحكم سير عمل المحكمة على تمكين محامي الدفاع من الحصول على المساعدة الإدارية المناسبة والمعقولة من قلم المحكمة القاعدة عدد ( 14 ) .

وذلك خدمة لحقوق الدفاع و تماشيا مع معايير المحاكمة العادلة حسب التعريف الوارد في النظام الأساسي للمحكمة .

ويقتضي النظام الأساسي تقديم المساعدة والمعلومات لجميع محامي الدفاع الذين يباشرون واجبهم المهني أمام المحكمة كما تقتضي ذات الأحكام مساعدة الخبراء ليكون الدفاع فعالا ومن المعايير الأساسية للمحاكمة العادلة هو مساعدة الأشخاص الذين ألقي عليهم القبض في الحصول على المساعدة القانونية وخدمات الدفاع ، كما يتعين إبلاغ المدعي العام ودوائر المحكمة عند الاقتضاء بالمساءل والأشكالات المتعلقة بالدفاع .

هذا ويضمن قانون المحكمة للدفاع بفرعيه ( دفاع الضحايا ودفاع المتهمين ) الاطلاع على سائر الأدلة مع إمكانية استجواب الشهود الواقع سماعهم مباشرة أو بواسطة تكنولوجيا الاتصال السمعي أو المرئي ، وفي حالة سابقية تسجيل الشهادة يتعين أن تتاح الفرصة للدفاع للأطـلاع

عليها ، كما يجب على المدعي العام أن يقدم للدفاع أسماء الشهود الذين ينوي إستجوابهم كما يجب عليه تقديم نسخ من البيانات التي أدلوا بها سابقا ويتم ذلك قبل بدء المحاكمة بمدة معقولة لتمكين المحامين من إعداد وسائل الدفاع ، وعليه أن يمكن الدفاع من فحص كل الأدلة التي تكون بحوزته ( الكتائب – المستندات – الصور –وأي أشياء مادية اخرى ) القاعدة عدد ( 77 )

وفي المقابل يتيعن على الدفاع تمكين المدعي العام من فحص أي كتائب أو سندات أو صور تكون في حوزة الدفاع ويعتزم هذا الأخير إستخدامها كأدلة في جلسة إقرار التهم أو عند المحاكمة .



وتكفل ضمانات الدفاع الكشف عن سائر الأدلة بما فيها ما تم حجبه لسرية المعلومات وذلك قبل انعقاد جلسة إقرار التهم من طرف الدائرة التمهيدية للمحكمة، وللمتهم الذي تم إلقاء القبض عليه كل الضمانات بشأن إطلاعه على كل إجراءات الإيقاف ويكفل النظام الأساسي للمتهم تلقي نسخة من أمر القبض عليه الصادر عن الدائرة التمهيدية طبق أحكام المادة ( 58 ) وتتاح الوثائق بلغة يتكلمها المتهم جيدا بالإضافة إلى حقه في استخدام إجراءات الطعن في سلامة أمر الإيقاف وتبت الدائرة التمهيدية في ذلك الطعن دون تأخير وذلك بعد تلقي رأي المدعي العام وعملا بأحكام المادة ( 67 ) من النظام الأساسي يتعين سماع المتهم بجلسة عمومية وإعلامه بكل الأدلة القائمة ضده وتمتعه بمهلة زمنية معقولة لأعداد دفاعه وتمكينه من الإدلاء بأدلة إضافية متصلة ببراءته مع تمتعه مجانا بخدمة الترجمة خلال سائر إجراءات المحاكمة .

هذا وتقتضي أحكام النظام الأساسي للمحكمة حماية الضحايا والشهود مما قد يتعرضون له من مخاطر بسبب الإدلاء بتصريحاتهم أمام أجهزة المحكمة .



ويتعين الإشارة في هذا الباب إلى إنشاء وحدة لحماية هؤلاء ضمن قلم المحكمة وتوفر هذه الوحدة بالتشاور مع مكتب المدعي العام تدابير الحماية والترتيبات الأمنية والمساعدة الملائمة وتضم الوحدة موظفين من ذوي الاختصاص في مجال الصدمات النفسية كما تحمي هذه الوحدة المجني عليهم كذلك .

أما على مستوى سير المحاكمة فنلاحظ بأن الدائرة التمهيدية للمحكمة الجنائية الدولية وهي ( هيئة تحقيقية ) تعقد جلسة لإعتماد التهم ضد المشتبه بهم وتكفل هذه الجلسة إحترام كل معايير المحاكمة العادلة ضرورة أنها تنعقد خلال أجال معقولة بعد تقديم المتهم إلى المحكمة أو حضوره من تلقاء نفسه أمام جلسة إعتماد التهم مع الملاحظة في هذا الباب بأن الدائرة التمهيدية يمكنها عقد الجلسة في غياب المشبوه فيه وذلك في حالة :



-1 – تنازله في حقه عن الحضور .

-2 – في حالة فرار المتهم أو عدم العثور عليه مع التأكد طبعا من إتخاذ كل الإجراءات القانونية لضمان حضوره أمام المحكمة ولإبلاغه بالتهم المنسوبة إليه كإبلاغه بموعد الجلسة .

كما تدقق الدائرة التمهدية في جلسة إعتماد التهم في سائر أدلة الإثبات بشان الجريمة المرتكبة والمنسوبة للمشبوه فيه تدقيقا يكفل إحترام معاير المحاكمة العادلة .



وعليه وفي حال ثبوت التهم تقرر الدائرة التمهيدية إقرار التهم المنسوبة للمشبوه فيه بجلسة إقرار التهم يحال بمقتضاها الشخص أو الأشخاص الواقع تتبعهم على المحاكمة أمام المحكمة .

على مستوى المحاكمة تنعقد المحاكمات مبدئيا بمقر المحكمة ( بلاهاي ) وذلك وفق أحكام المادة 62 من النظام الأساسي للمحكمة التي تقتضي بأن المحاكمات تجري بمقر المحكمة مالم يتقرر غير ذلك .



ويتعين على المحكمة المتعهدة بالقضية تلاوة سائر التهم المعتمدة من طرف الدائرة التمهيدية على المتهم ويتعين عليها كذلك وفق النظام الأساسي تأمين علم المتهم بطبيعة التهم المنسوبة إليه ومنحه كامل الفرصة لإعترافه بإرتكاب الجريمة أو إنكاره لأي جرم منسوب إليه على أن إقرار المتهم بالتهم المنسوبة إليه لا يكفي لوحده للقضاء بإدانته من طرف المحكمة ضرورة أنه يتعين أن يكون الإعتراف بالتهمة معززة بوقائع الدعوى وبأدلة وقرائن قاطعة .

ولا تصدر المحكمة حكمها في الدعوى إلا بعد إستكمال سائر الإجراءات التي يقتضيها النظام الأساسي ودليل قواعد الإجراءات والإثبات وخاصة بالإستماع إلى طلبات الإدعاء العام وإستدعاء شهود الإثبات وشهود النفي ثم الإستماع إلى الدفاع ، ثم تختلي المحكمة في مداولات سرية لتصدر قرارها إما بالإجماع أو بأغلبية الأعضاء ويتعين أن يكون الحكم معللا تعليلا كاملا

ويتم التصريح به بجلسة علانية .

ولتأمين كامل معايير المحاكمة العادلة أقر النظام الأساسي للمحكمة مبدأ الطعن بإستناف القرارات الصادرة عن المحكمة الإبتدائية ( تكريس مبدأ التقاضي على درجتين .

هذا ونلاحظ بهذا الصدد بأن إمكانية الإستئناف مخولة للإدعاء العام وللمتهم على حد سواء .

وفي باب العقوبات سبق وأن أشرنا لاحقا بأن المحكمة مقيدة وفق أحكام النظام الأساسي بإصدار العقوبات التالية :

- 1 – السجن لمدة أقصاها ثلاثين سنة .

- 2 - السجن المؤبد .

- 3 – فرض الغرامات .

- 4 – مصادرة عائدات ممتلكات المتهمين والمتأتية بشكل مباشر أو غير مباشر من الجرائم المنسوبة للمتهم .



بعد إستعراض جانب من المساءل المتصلة بالقضاء الدولي في مجال حقوق الإنسان وخاصة نظام المحكمة الجنائية الدولية والتي لئن أخذت الحيز الأكبر في هذه المداخلة فلأنها تشكل تحولا نوعيا هاما في مجال مقاضاة مرتكبي أشد الجرائم خطورة ، ضرورة أن إنشاء المحاكم الدولية الخاصة يكون بحوزة مجلس الأمن الدولي والحال أن طبيعته وتركيبته لا تؤمن بشكل سليم إقامة العدالة الدولية .

وفي المقابل فإن إقامة المحكمة الجنائية الدولية الدائمة كانت وليدة إتفاقية دولية شهدت إنضمام ما لايقل عن مائة دولة وهذا من شأنه أن يلزم الدول الأطراف بالسعي لإقامة العدالة الدولية على على أن فاعلية هذا الجهاز القضائي الدولي يبقى رهين مصادقة كل دول العالم على نظامه الأساسي بعنوان التزام دولي بتكريس حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها من كل أشكال الانتهاكات ، وإن هذه الخطوة لا تمس بمبدأ سيادة الدول وسيادة ولايتها القضائية الوطنية ضرورة أن الدفع بموقف سيادي حيال تعهد جهاز قضائي دولي بالبت في الجرائم الشديدة الخطورة يعد انتهاكا في حد ذاته لحقوق الإنسان .



جويلية 2006

نزيهـة بـوذيـب

المحامية بتونس

ليست هناك تعليقات: